mardi 9 décembre 2014

صور ظهور المرأة في شعر عمر بن أبي ربيعة:





لقد كانت صورة المرأة في شعر عمر صورة جديدة، فهي امرأة منعمة مخدومة بالجواري الاجنبيات، تقضي
 أوقاتها
في الاستماع إلى الغناء، ومن الخصائص التي عرفت بها :
1-المرأة المتغزل فيها مرأة متحضرة، أصابت ضرباً من الحرية تحت تأثير الحياة الجديدة في مكة: ومنه الفراغ 
وأسباب الزينة الذي لم يتح للمرأة الجاهلية . وكان مجتمع مكة حينئذ تسوده ضروب من الحرية المهذبة في لقاء الرجال بالنساء , وكانت بعض أحاديث هذا اللقاء تملأ بالصبابة والغزل , وهل هناك حديث للشباب أمتع من هذا الحديث الذي تروى فيه قصص القلب الإنساني .
وكان يستخدم لغة سهلة , فيها عذوبة وحلاوة وينصب شباكه لكل امرأة جميلة في مكة . وتحول إلى مواسم الحج يعلن حبه إعلانا ً لكل امرأة ذات حسن يلقاها فيقول : 
يقصد الناس الطواف احتسابا ً وذنوبي مجموعة في الطَّواف ِ
وبعد مواسم الحج يتصدى لكل فتاة جميلة بمكة وخاصة الثريا بنت علي الأموية.
حتى أنّه تجاوز في غزله وشعره إلى شريفات مكة يتغزل بهنَّ ويتشبب، ولكن دونما إفحاش، وهذا الذوق العام هو الذي


أشاع الغزل في المرأة العربية الشريفة , وأخذ عمر يستغله ويبعد في استغلاله لا في فتيات مكة ونسائها , بل في فتيات العرب جميعاً ونسائهم ممن يحججن إلى مكة وتقع عينه عليهن , وكأنما كانت عينه "عدسة " مكة في هذا العصر , فلا تمر امرأة تستحق أن تصوّر وترسم في تلك المرآة الفنية المكية إلا وتهب عين عمر وتهب عيون زملائه من الشعراء , فيسجلون صورتها , ومن هنا كنا نقرأ في شعره أخباراً وقصصاً عن جميلات الحواج؛ ولعـل ما يثبت فرضية كون عمر بن أبيربيعة ناطق رسمي باسم المرأة العربية الحجازية هو كونه" رسم لها طريق الخلاص حين أنطقها، في شعره، بكل ما تريد البوح به وأعلى من شأنها، وناصرها في صراعها مع الجواري والـقيان بُـغـية إثبات وجـودها كائـنا لـه حــق الـحـرية والـحـياة. وعندما جعلها عاشقة لا معشوقة حرّك غيرة الرجال على نسائهم المُهمَلات. فشعر الغزل بما هو صحافة العصر الأموي قد سجَّل أخبار النساء لتحريك غيرة الذكر العربي على أُنثاه وإعادة تمكينه من اكتشافها في مداها الأخلاقي الواسع وقد استعملته بنات الخلفاء ، فاطمة بنت عبد الملك بن مروان وشريفات آل البيت كسكينة بنت الحسين ، وعائشة بنت طلحة .
ومن أشعار عمر في نساء مكة أنه قال في فاطمة بنت عبدالملك بن مروان، زوجة الخليفة عمر بن عبد العزيز، روى عن أبي معاذ القرشي قال: لما قدمت فاطمة مكة جعل عمر بن أبي ربيعة يدور حولها ويقول فيها الشعر ولا يذكرها باسمها خوفا من عبدالملك بن مروان ومن الحجاج، لأنه كان كتب إليه يتوعدّه إن ذكرها أو عرض باسمها. فلما قضت حجها وارتحلت أنشأ يقول:
ذرفت عينها وفاضت دموعي وكلانا يلقي بلبّ أصـيل
لو خلت خلتي أصبت نوالا أو حديثا يشفي من التنويل
لـظل الخـلخال فوق الحشايا مثل أثناء حية مقـتول
فلقـد قالت الحـبيبة لـولا كثرة النـاس جدت بالتقبيـل
على الرغم من تهديد الخليفة عمر بن عبد العزيز فان عمرا بن أبي ربيعة لم يخف فقال في فاطمة: 
وناهدة الثديين قلت لها اتّكي على الرمل من جبّانة لم توسـد 
فقالت على اسم الله أمرك طاعة وإن كنت قد كلّفت ما لم أُعـــــوّد 
فلماّ دنا الإصباح قالت فضحتني فُقم غير مطرود وإن شئت فازدَد

2- مقبلة على الرجل بأكثر مما كانت تقبل عليه المرأة الجاهلية، فهي أقلها حشمة وتصنعا وتكلفاً، إنما هي سيدة حديثة تأخذ قسطاً من الحرية فتبرز للرجال، وقد تغازلهم عفيفاً :
وكانوا يجتمعون أيضاً في المنتزهات، النسوة وقد يكون معهم الشباب، يستمعون إلى مغن أو مغنية، قال الشاعر المعروف ( الحارث بن خالد المخزومي ) قال : بلغني أن الغريض خرج مع نسوة مكة من أهل الشرف ليلاً إلى بعض المنتزهات من نواحي مكة، وكان بيت عمربن أبي ربيعة قريب منه، فذهب إليه وأخبره أن النساء مشتاقين إلى حديثك، وكان عمر يحب أن يسمع هذا البيت من الغريض ( المغني ) : أمسى بأسماء هذا القلب معموداً .. إذا أقول صحا يعتاده عيدا، فأخذ ثيابه وذهبا إليهن، فتسامرا ثم تفرقا . وهذه الحادثة تبين كيف كان أهل مكة يجتمعون للغناء .
وقال في زينب بنت موسى الجمحي حين قابلها في مناسك الحج :
يا من لقلب متيم كلف يهذى بخود مليحة النظر
مازال طرفي يحار إن برزت حتى رأيت النقصان في بصري
ثم يعلق عمر :
من يسق بعد الكرى بريقها يسق بكأس ذي لذة خصر
ويؤكد عمر في هذه القصيدة أن الفتاة وجارياتها غازلنه لكنه لم يستجب مع اعترافه بجمالهن وانجاذبه إلى زينب.
ومنه قوله في وصف حياتهن المنعمة : 
لقد قالت لجارات لها كالمها يلعبن في حجرتها 
خذن عني الظل لايتبعني ومضت تسعى إلى قبتها 
3- كان يصف أحاديث النساء، وماينطوي عليه من أسرار مخفية، خاصة عند وصفه لمرأة يجعل الأخريات يغرن،
فيزرع الحقد في قلوبهن: 
ومن ذلك قوله: 
ليت هندا أنجزتنا ما تعد وشفت أنفسنا مما نجد
واسـتبدت مـرة واحـدة إنمـا العــاجز مـن لا يســتبد
ولقـــد قـالت لجــارات لهــا وتعـرت ذات يــوم تبــترد 
أكمــا ينعتنـــي تبـصرنني عمـــركن اللـــه أم لا يقتصد 
فتضـاحكن وقـد قلـن لهـا حسـن في كل عيـن من تود 
حسد حملنه من حسـنها وقديما كان في الناس الحسـد
قصيدة فيها حوار جرئ، رقة مناجاة، فيه طرافة وخفة الروح، عاطفة جياشة .
4- في شعره لايعنى بوصف حبه فقط، بل يصف المرأة نفسها، وأحاسيسها، وكأنه يريد وصف المرأة وصفاً نفسياً:
فهو لا يشكو الغرام والعشق , بل محبوبته هي التي تشكو من ذلك وهي التي تتعذب في حبه وتتمنى لو تراه , فيقول على لسان واحدة : 
تقول إذا أيقنت أني مفارقها يا ليتني مت ُّ قبل اليوم يا عمرا 
ولكنها في أحيانٍ كثيرة تتمنع بعفة ودلال عن مواعيد غرامية مشبوهة ،مستخدمة أسلوب المماطلة ،كما فعلت هند ،وهناك يصور الشاعر عمر جرأة الفتاة العربية وعفتها في وقت واحد، فرغم أنها أعلنت إعجابها واعترفت بجاذبيتها 
(أنا من شفه الوجد وأبلاه الكمد- وما لمقتول قتلناه قود) 
ورغم انسحاره بها فإنها تتهرب من موعد منفرد مع الشاعر (كلما قلت : متى ميعادنا ضحكت هند وقالت بعد غد)
وإن كان شعره لايخلو من مشاعر يبثها من يحب أو من يتغزل بها؛ فله غزل بعضه صادق من صميم القلب، وغزل آخر رقيق ينظمه في كل حسناء من حسان المدينة ومكة،وتكثر الرسل بينه وبين محبوباته في ديوانه كما كان يراسل الثريا ,
قد سار عنها أو سارت عنه : كتبت إليك من بلدي كتـــــاب مولِّهٍ كــمِدِ
كئيب واكف العـــينـ ين بالــــحسرات منفرد
فمن غزله الحقيقي قوله في الثريا بنت علي بن عبد الله أيضاً، وقد هام بها ولم يوفق إلى زواجها وفيما يلي شيئاً مما قاله فيها: 
يا ثـريـا الفـؤادِ، ردي السلامـا صليـنـا ولا تبتـي الزمامـا
واذكري ليلـةَ المطـارفِ والوبـلِ وإرسـالنـا إليـكِ الـغـلامـا 
بـحديـثٍ إنْ أنـتِ لَمْ تقبليـهِ لمْ أنازعكِ، ما حييـتُ، الكلامـا 
واذكري مجلساً، لدى جانـب القصرِ عشياً ومقسمي أقاسـما
فـي ليـالٍ منهـنّ ليلـةَ باتـتْ ناقتـي والـهاً، تـجـرُّ الزمامـا 
من يكنْ ناسياً فلمْ أنسَ منها وهيَ تذري لذاكَ دمعـاً سجاما 
يـومَ قالـت ودمعهـا يغسـلُ الكحلَ أردتَ الغداةَ منا انصرامـا 
قلـتُ لَمْ تصرمي ولَمْ نطـعِ الواشي وقد زدتِ ذا الفؤادَ غراما

وكمثل قوله في / نعم /مصوراً عذابه في بعدها:
يهيــم إلى نعـم فـلا الشمل جامع ولا الحبـل موصول ولا القلب مقصر 
ولا قـرب نعـم إن دنـت لك نافـع ولا نأيــها يسـلي ولا أنـت تصـبر 
فقلت لها: بل قادني الشوق والهوى إليــك ومـا نفـس من الناس تشعر
وكذلك قوله في عائشة حبيبته المسافرة:
إن من تهوى مع الفجر ظعن للهوى والقلب متباع الوطن
بانت الشمس وكانت كلما ذكرت للقلب عاوده الحزن
يا أبا الحارث قلبى حائر فأتمر أمر رشيد مؤتمن
نظرت عينى إليها نظرة تركت قلبى لديها مرتهن
ليس حب فوق ما أحببتها غير أن أقتل نفسى أو أجن
5-أصبح معشوقاً لاعاشق:
فقد كانت المرأة قبل غزل عمر هي المعشوقة، أما في غزله، فقد تحولت إلى عاشقة، كما تحول عمر – كرجل – من عاشق إلى معشوق، وهذا لايكون إلا لرجل وبيئة تهيأت له كامل المواصفات، وقد توافرت في عمر وبيئته، فالنساء هن اللواتي يطلبنه ! ويختال، وفي ذلك يقول : 
قالت لترب لها تحدثها لنفسدن الطواف في عمر
قومي تصدي له ليعرفنا ثم اغمزيه يا أخت في خفر

قالت لها قد غمزته فأبى ثم اسبطرت تسعى على أثري 
ومما قاله في تعشّق النساء له ،ما ورد من حديث الأخوات الثلاثة اللواتي كُنَّ يتحادثن في معرفته وهو ممتطي صهوة جواده قادماً من بعيد:
بينما ينعتنني أبصرنني دون قيد الميل يعدو بى الأغر
قالت الكبرى أتعرفن الفتى قالت الوسطى نعم ، هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها قد عرفناه ، وهل يخفى القمر
فعمر هو المتبوع لا التابع، وهو المطلوب لا الطالب .
6- أنه كان مشغولاً بغزل نفسه؛ لابسيدات عصره :
حتى ليجعل زواجه مأتماً لهن،فيصور ما حلَّ بإحداهنَّ حين سرت شائعة تتحدَّث عن زواجه،وذلك في قوله:
خبَّروها بأنني قد تزوجت فظلت تكاتم الغيظ ســـرا
ثم قالت لأختها ولأخرى جزعا ليته تزوج عشــرا
وأشارت الى نساء لديها لا ترى دونهن للسر ستـرا
ما لقلبي كأنه ليس مني وعظامي أخال فيهن فتــرا
من حديث نمى إلى فظيع خلت في القلب من تلظيه جمرا
7- الهجران والنأي يكون من قبله، وليس من المرأة ،( صورة معكوسة ):
يقول عمر بن أبي ربيعة في قصيدة رائعة مصوّراً صدّه عن إحدى محبوباته وتلهفها عليه ،ومعاناتها من دونه:
أرسلـتْ هنـداً إلينـا رسـولاً عاتبـاً: أن مـا لنـا لا نراكـا ؟ 
فيمَ قد أجـمعتَ عنـا صـدوداً أأردتَ الصـرمَ، أم مـا عداكـا ؟ 
إن تكن حاولتَ غيظـي بهجـري فلقـدْ أدركـتَ ما قـد كفاكـا 
كـاذبـاً، قـد يعلـمُ الله ربـي أنني لـم أجـنِ ما كنـهُ ذاكـا 
وألـبـي داعـيـاً إن دعـانـي وتصـامـمْ عامـداً، إن دعاكـا 
وأكـذبْ كـاشحـاً إنْ أتانـي وتصـدقْ كـاشحـاً إن أتاكـا 
إنّ فِـي الأرضِ مساحـاً عريضـاً ومـنـاديـحَ كثيـراً سـواكـا 
غيـرَ أنـي، فاعلمـنْ ذاك حقـاً لا أرى النعمـةَ، حـتـى أراكـا

وصاحبته تطلب منه السير معها، لكن يخاف من العيون والمراصد !، وفيه يقول :
قلت العيون كثيرة معكم وأظن أن السير مانعنا 

والمرأة هي من تشكو الوشاة، وليس هو ! وفيه يقول : 
أمن أجل واش كاشح بنميمة مشى بيننا صدقته لم تكذّب 
وهو من يطلب من عاشقته أن لاتبوح باسمه ! وفيه يقول :
ألم تعلمي ماكنت آليت فيكم وأقسمت لاتحكين ذاكرة باسمي
وعلى هذا النحو نراه في غزله يوقد قلوب الفتيات حبا ً وهن يتمنين عطفه وحنانه , فهو يصور نفسه في غزله معشوق لا عاشق فهو يصور عواطف المرأةونفسيتها وما يثير في قلبها المشاعر الرقيقة . 
وكونه معشوقاً لاعاشقاً، يدلل على فساد القصص المحاكة عليه، وعليه فإنا لانشك في عفة عمر كما شك القدماء .

Unknown

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipisicing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore magna aliqua. Ut enim ad minim veniam, quis nostrud exercitation.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

 

Copyright @ 2013 1er 9 .